Thursday, November 11, 2010

غرفة العناية المركزة و سفينة نوح


‎سبقني كثيرون إلي نقد الكتابان كعملان منفصلان، ولكني أحببت أن ألفت الإنتباه إلى وجود عدة أوجه للتشابه بين غرفة العناية المركزة لعز الدين شكري و سفينة نوح لخالد الخميسي.ء

‎أولآ، إستخدام إسلوب الجزء أو الفصل الخاص بكل شخصية.ء
‎وثانيآ، العرض الصادق والدقيق - من وجهة نظري - لأحوال المجتمع المصري
‎وثالثآ، التحذير من إسمرار الحال على ما هو عليه لأن الخطر أصبح وشيك.ء

‎ إسلوب الفصل الخاص بكل شخصية:  إستخدم الخميسي أسلوب الرؤية المتعددة  للأحداث. ويتطلب هذا الإسلوب مهارة خاصه كالتي أبداها نجيب محفوظ في رواية ميرامار حيث عرض علينا الحدث الرئيسي - قيام ثورة \ إنقلاب يوليو  - و الأحداث التي تلتها من وجهة نظر أربع شخصيات لهم توجهات متباينة وأحيانآ متنافرة. وعلي الرغم من العرض المتكرر لنفس الأحداث، تتمثل عبقرية محفوظ في قدرتة على الا يشعر القارئ بأي نوع من الملل من هذا التكرار لأنه يضيف أبعاد جديدة خاصة بشخصية الراوي‫.‬

في رأيي أن شكري قد نجح بشكل كبير في إستخدام هذا الإسلوب في عرض الأحداث التي تمر بأربعة شخصيات والتي أدت إلى تواجدهم في السفارة المصرية في الخرطوم لحظة تعرضها لتفجير إرهابي، الحدث الذي تبدأ وتنتهي به الرواية.ء
‎ أما الخميسي‫،‬ ففي رواية سفينة نوح ‫-‬ والتي تدورأحداثها حول فكرة الهجرة - والتي يدل عليها عنوان الكتاب، هو يستخدم إسلوب السلسلة البشرية حيث تسلمنا كل شخصية إلى شخصية قابلناها سريعآ في الفصل السابق فنتعرف أكثر على دورها كسبب أو كضحية لمشهد الطوفان‫.‬

العرض الصادق والدقيق لأحوال المجتمع المصري:‬ هنا يكمن أكبر تشابه بين الرواياتين‫.‬ فالكاتبان إتفقا أن تباعد وتنافر أفراد المجتمع  وغياب الأمل عند الشباب وتفشي الفساد وثقافة التدين الظاهري كلها ستؤدي لا محالة إلي الأنفجار أو الطوفان‫.‬

التحذير من إستمرار الحال على ما هو عليه‫:‬ يرمي الكاتبان بمسؤولية كتابة النهاية على عاتقنا نحن المصريين.  فالنهاية الوحيدة المؤكدة هي نهاية مأساوية إذا إستمرينا في العيش كمتفرجين ونقاد ودون الإشتراك الفعلي في تغيير واقعنا. هذة النهاية والتي يجب أن نعمل سويآ لتجنبها هي الموت تحت الأنقاض (غرفة العناية المركزة) أو اليأس لدرجة السعي وراء الهجرة مهما كانت المخاطر أو التنازلات (سفينة نوح).ء  

No comments: