عرفته منذ الصغر، ولكن لم تتوطد علاقتنا أو تتكرر لقائتنا إلا منذ ستة عشر عامآ، كانت أكثر من كافية لكي أكرهه وأتوجس من زيارته القادمة، والتي تأتي دائمآ بغير ميعاد مسبق. فأفضل وصف لعلاقتنا هو حب من طرف واحد. طرفه هو
قبل أن يشت بكم التفكير إلى أفلام حسن الإمام، إسمحولي أن أصدمكم أو أريحكم بأن أكشف عن هوية الزائر الثقيل. أتكلم عن الألم. وخاصة ألم الظهر
كان الألم في زيارتي بالأمس، وكالعادة، منعتني زيارته، وما أتناوله من أدوية تعينني على تحمل إستضافته، من القيام بالأشياء التي أحبها كالقراءة، أو تصفح الإنترنت. فلم يبقى أمامي إلا الجلوس أمام التلفزيون. قررت أن أتابع قناة حكومية على أمل أن ينسيني ألم السخافات التى تبثها - على غرار العلاج بالكي - ألم ظهري.ء
كان المتحدث أحد قيادات الحزب الحاكم، وكان يصب اللعنات على المعارضة ووسائل الإعلام المكتوبة و المسموعة و المرئية لكثرة مهاجمتهم للحكومة وتركيزهم على إبراز العيوب دون الحسنات. وكان من رأيه إن هذا الإتجاه يشوه صورة مصر ويبث سموم التمرد واليأس بين المواطنين. إستغرقت في التفكير - دا طبعآ مع فرض إن المساطيل يبعرفوا يستغرقوا في أي حاجة غير النوم - ولثوان معدودة تعاطفت مع القيادي، لإن المعارضة والإعلام المستقل تجسدا لي كألم في ظهر االحزب والحكومة.
وقبل أن يحصلي غسيل مخ وأشارك القيادي في صب اللعنات على الجميع، أنقذني صوت زوجي العزيز يسأل: أيه رأيك في الكلام دة؟
ولسبب أجهله، إسترجعت ذاكرتي من أرشيفها ملف قديم ومتهالك لحلقة تلفزيونيه عن طبيب والحالات التي يقوم بعلاجها . تذكرت إحدى الحلقات التي قام فيها الطبيب بتعطيل عصب الألم في قدم مريضتة، لكي تعيش ولو لفترة في سلام بعيدآ عن شبح الألم. وبينما كانا يمشيان على شاطئ البحر، لاحظ وجود أثار لدماء تتبع خطواتها. ولما نبهها لذلك، إكتشفا أنها قد جرحت قدمها على صخرة، ولكن ولغياب الألم، لم تتنبه هي للجرح، وكانت معرضة لفقدان حياتها.
ذكرتني الحلقة أن الألم قد يكون في بعض الأحيان نعمه وليس نقمة لإنه ينبهنا لمواقع العطب حتى نأخذ حزرنا، ونسارع بعلاجها. ولذلك، فعلى أعضاء الحكومة والحزب وبدلآ من إستهداف المعارضين الشرفاء، عليهم شكرهم لإظهارهم مواطن الفساد والتقصير. وليقوموا هم بواجبهم في توجيه الطاقات المتوفرة لديهم للقضاء على المفسدين وإصلاح مواقع العطب.ء
وإلا فمن واجب الاهل(الشعب) أن يبحث عن طبيب أخر (حزب تاني بس مش الإخوان وحياة أبوكو) أكثر كفاءة ونزاهه لإنقاذ حياة المريضة الغالية (مصر).ء
No comments:
Post a Comment